حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة، وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها، نظرت لتلاميذها وقالت لهم: إنني أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي
لقد راقبت هذه المعلمه التلميذ خلال العام السابق، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ الأمر أن انها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط، وتضع عليها علامات xبخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق
وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات الخاص به في النهاية. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما
لقد كتب معلمه في الصف الأول الابتدائي ما يلي: انه طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق
وكتب عنه معلمه في الصف الثاني: هو تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب
أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه: "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات
بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع: "هو تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس
وهنا أدركت المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما تذكرت انه عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة وورق براق، ما عداه.
فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة، وقد انزعجت وهي تفتح هديته ، وانفجر بعض التلاميذ بالضحك عليه عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا النصف فقط.. وازداد استهزاءأولئك التلاميذ به عندما عبَّرت المعلمه عن احتقارها الشديد لهديته
في مساء ذلك اليوم
جلست المعلمه حزينه من موقفها وهي غارقه بالاسف والخجل بعد ان عرفت انه يتيم
في صباح اليو التالي
ووضعت قطرات من ذلك العطر على معصمهاولبست العقد ثم دعته اليها قائله له
انني اسفه على موقفي منك ياصغيري اشكر لك هديتك الجميله
لم ينتظر الطفل سرعان ما احتضنها
وشمها بقوه دمعت عيناه وقال لها
.: إن رائحتك اليوم مثل رائحة امي
وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت المعلمه في البكاء لان ذلك الطفل أحضر لها زجاجة العطر التي كانت تستعملها امه .. الراحلة!،
انتهت....
اقول من الرائع ان لا نتسرع بأحكامنا وان لا نجرح الاخرين
وان نعترف بأخطاءنا وان نصححها
القصدي
عدل سابقا من قبل القصدي في الأربعاء مايو 06, 2009 5:37 pm عدل 1 مرات