مديــنـة الحــب
ـــــــــــــــــــــــ
صوت (فيروز) ينساب شجياً ملامساً اسماعها
ويعلن عن صباح جديد يطل على المدينة
ببطء حاولت ان تنهض من سريرها رغم ان النعاس لازال يثقل اجفانها
لم يكن الى جوارها..
لابد انه غادر سريره كما تعود ان يفعل منذ ان تخاصما ليعد فطوره بنفسه
ومن ثم الى عمله... كل شيء اصبح جامداً في ذلك المنزل
ورغم ان الامر لم يكن يروق لها الا انها تمادت باهماله
ولم تستجب لمحاولاته في اذابة الجليد عن تلك العلاقة التي اصبحت جامدة
كل تلك الافكار مرت سريعة عليها قبل ان تدخل المطبخ لترفع بقايا الطعام
الذي تركه وترك معه صوت الراديو يصدح باغاني فيروز الصباحية المنعشة
في داخلها شعرت انها رسالة جديدة منه
لتوقض ذلك الحب الذي ذبل قليلاً
ابتسمت بطريقتها الماكرة وهي تهمس لنفسها ( اهاا محاولة جيدة)
في قرارتها لازالت تحبه فهو رجل حياتها... تعودته
وادمنت كل شيء فيه.. ضحكته التي تحبها.. شخصيته ..حنانه.. غضبه العارم وطيبته التي تنسيه كل ذلك الغضب بسرعة واشياء اخرى
ومع هذا فهي لاتستطيع ان تنسلخ من تلك القسوة
التي ورثتها من ابيها ولاعنادها الشديد
- لن اتنازل هذه المرة رفعت صوتها قبل ان يهتز المنزل على صوت انفجار شديد
نحو النافذه ركضت بسرعة..!!
الدخان كان يتصاعد في الجهة الاخرى من المدينة
انقبض قلبها وهي تسمع اصوات صفارات الاسعاف وهي تهرع لمكان الحادث بحثت بارتباك عن هاتفها
الراديو اوقف الاغاني الصباحية ليعلن عن خبر عاجل..
( انفجار كبير يهز وسط العاصمة بغداد وانباء عن سقوط ضحايا )
راحت تفتش عن هاتفهادون ان تسيطر على اصابعها المرتجفة
اللعنه هاهو كان امامي طوال الوقت..!! اتصلت بوالدتها
- الو ماما هل انتم بخير..؟ هل اخوتي في المنزل..؟
- نعم حبيبتي نحن بخيرسمعنا الانفجار وكانوا على وشك الذهاب للعمل يبدوا ان الانفجار وسط المدينة
- اهاا الحمد لله كاد قلبي يتوقف من الخوف عليهم لاتدعيهم يخرجوا للعمل اليوم ارجوك امنعيهم...
- اطمأني حبيبتي.. ولكن ماذا عن زوجك هل هو في المنزل..؟
- اه..لالا لقد خرج ياألهي كيف فاتني ذلك ماما سأغلق لاتصل به
مشاعر كثيرة مرت على دواخلها في تلك اللحظات كانت توخز ضميرها
لكن الخوف المتسارع في قلبها اجل تلك المحاكمة التي بدأت تنمواوتعاتبها بألحاح
وقبل ان تجد رقم هاتفه رن الهاتف كان هو من يتصل بسرعة اجابت
- الو حبيبي اين انت هل انت بخير عد للمنزل اترك كل شيء ارجوك
- الو..الو عفواً انا لست زوجك و..في الحقيقة.. انا..أنا.. يؤسفني ان اخبرك انه مات في الانفجار
وجدت هاتفه مرمياً قربه واتصلت... عليكم الحضور للمستشفى المركزي وعليكم ان......
لم تسمع باقي الكلمات استدارت بها جدران المنزل لم تعد ترى شيئاً الظلام وخدر شديد هو كل ماتشعر به
ومن بين اجفانها المغلقة تنساب دموعها بصمت...
حاولت ان تحرك يديها لكنها لاتستجيب.. كل شيء يتحرك ببطء شديد
- اين انا..؟؟؟
خرجت تلك الكلمات متثاقلة من لسانها كمن تريد ان تستفيق من البنج بعد عملية كبرى
فتحت عيناه بصعوبة كبيرة كانت لازالت في سريرها ماهذا
اين انا؟؟؟
هذه المرة استعادت حواسها نهضت بفزع..!!!
صوت( فيروز) لازال يشدو في ارجاء المنزل ومعه صوت اخر يدندن
( راجعين يهوى راجعين )....
قفزت من السرير مسرعة نحو المطبخ كان زوجها يعد الفطور في داخلها
- الحمدلله ..يألهي كنت احلم كان كابوساً
ركضت نحوه وهي تردد الحمد لله
حبيبي انك بخير؟؟ احتضنته على الفور احتضنها هو رغم استغرابه الشديد لكنه كان بحاجة لذلك الدفء
منذ مدة لم يتكلما لم يشعر بهذا الحب احاط وجهها الصبوح بكفيه وراح يمسح بأبهامه بقايا دموعها
- حبيبتي نحن بخير مهما يكن مارأيت الا انه كان حلماً ولم يكن حقيقة
- حبيبي انا آسفة آسفة ارجوك لاتتركني ابداً فانا بدونك لااساوي شيئاً
في تلك اللحظات أهتز المنزل على صوت انفجار شديد
وبعد قليل أعلن الراديو خبراً عاجلاً ..انفجار يهز وسط العاصمة بغداد وانباء عن سقوط ضحايا.
. قالت وقد عادت تبكي من جديد هذا ماكنت احلم به وأنت كنت احد الضحايا...
- سبحان الله.. لقد تحقق جزء من الحلم وها انا امامك بخير والاهم من ذلك اننا عدنا... انها ارادة الله
اقتربت من النافذة تنظر صوب الدخان بذهول
وبصوت خافت همست لنفسها بحزن ترى من هي تلك المرأة التعيسة
التي لم تكن تحلم....
بقلمي
عازف الليل