أسأل الله سبحانه وتعالى الفوز بالجنه قبل كـــــــــــــــــــل شيء
هدفية وجود الإنسان
إن من أهم الحقائق التي يجب أن يتنبه لها الإنسان أنه مخلوق لهدف، فهذه الحقيقة لها بالغ الأثر على كيان الإنسان ووجوده، إذ الإيمان بهذه الحقيقة هو الذي يضفي الأهمية والقيمة على وجود الإنسان، وبدونه فإنه لن يكون هناك أي قيمة أو أهمية لوجود الإنسان من رأس، وهذه الحقيقة إذا تنبه إليها الإنسان واستحكمت على ضميره، فإنها سوف تشع على مختلف جوانب الإنسان بالخير والبركة، فهي سوف تشرق على الفكر بنور المسؤولية، وعلى القلب بنور الإيمان، وعلى الجوارح بالعمل الصالح.
وبقدر ما يتحسس الإنسان هذه الحقيقة بقدر ما تشرق هذه الأنوار على فكره وقلبه وجوارحه وتنفذ إلى بصيرته في عمق وجوده، فعندها سوف ينزه فكره من اللامبالاة واللامسؤولية، وقلبه عن الكفر والفسوق، جوارحه عن الأفعال الفاسدة، والعكس صحيح أيضاً؛ فبقدر ما تغيب هذه الحقيقة عن ذهن الإنسان بقدر ما يكون فكره أقرب إلى الفكر اللامسؤول واللامنضبط، وقلبه إلى الأهواء والشهوات، وسلوكه إلى الفوضى والعبث والظلم.
إذاً الواجب على الإنسان أن يؤمن بهدفية وجوده لكي يكون وجودُه ذا أهمية وذا قيمة، ثم يبحث عن هذا الهدف في المقام الثاني، والهدف من خلق الإنسان واضح لدى الإنسان المؤمن لذلك فهو على هدى من ربه ويمشي على صراط مستقيم، يقول تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)([1]) ، إذاً خلقه الله -سبحانه وتعالى- الإنسان ليرحمه لا ليعذبه، ولكن السؤال كيف يمكن للإنسان بلوغ هذه الرحمة؟ والجواب عن طريق عبادة الله وحده لا شريك له، يقول تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)([2]) .
شهر رمضان وبناء الشخصية
ومن رحمة الله الواسعة أن جعل للإنسان مواسم تذكره بهدف وجوده وتعيد رسم أولوياته واهتماماته، وشهر رمضان هو أحد تلك المواسم التي يكون فيها الإنسان على موعد لإعادة بناء شخصيته التي قد رسمها وهو بعيد غافل عن الله -سبحانه وتعالى-، وهو على موعد لإعادة النظر والتأمل في سلم أولوياته واهتماماته.
فهذا الشهر المبارك يدعو الإنسان ليسأل نفسه هل يا ترى أن اهتماماتي هي اهتمامات حقيقية؟ أم أنها لا تعدو أن تكون مجموعة من الأمور الهامشية والعبثية أو على أقل تقدير ثانوية وفرعية؟ وماذا عن برنامجي اليومي؟ هل هو مليء بما يبني الشخصية وينميها أو بما يهدمها ويركسها؟ هذه الأسئلة يجب على الإنسان أن يطرحها على نفسه باستمرار وعليه أن يجيب عليها بكل صدق لأنه هو المتضرر الأول من عدم الصدق مع النفس، ثم إن على الإنسان أن يتحلى بالشجاعة الكافية ليعترف بخطئه إن كان مخطئاً وليغير من واقعه
إن شهر رمضان شهر البناء الرسالي، وموسم صناعة الشخصية الرسالية المتميزة، فقد جاء هذا الشهر لكي يكون المحطة المناسبة التي يُكامل الإنسان فيه شخصيته الرسالية، والتي بدورها تحتاج إلى مجموعة من الركائز الضرورية حتى يكتمل بنيانها، وشهر رمضان المبارك يمثل البيئة المناسبة والأرضية الخصبة لهذه الركائز التي تنمي وتكامل الشخصية.
وفي هذا الشهر يجب بناء الروح والجسد وبناء الثقافه والفكر وبناء الاراده وحسن الخلق
عند ذلك نسمو بأنفسنا ونكون قد عرفنا قيمة وعظمة هذا الشهر
الخاتمــــــه
لا بد لنا أن ندرك فضل شهر رمضان المبارك وعظمته حتى يكون لنا معيناً على بناء شخصياتنا الإيمانية، ورد عن النبي (ص) أنه قال: (قال الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم هو له غير الصيام، هو لي وأنا أجزى به، والصيام جُنّة العبد المؤمن يوم القيامة، كما يقي أحدكم سلاحه في الدنيا، ولَخَلوف فم الصائم (أي رائحة فمه) أطيب عند الله من ريح المسك، والصائم يفرح بفرحتين: حين يفطر فيطعم ويشرب، وحين يلقاني فأدخله الجنّة ) ، وورد عنه (ص) أنه قال: (الصائم في عبادة الله وإن كان نائماً على فراشه، ما لم يغتب مسلماً)، فلا بد للإنسان المؤمن أن يخرج من حق الله وحق الناس.
القصـــدي