قصيدة الشاعر جابر الجابري
بغداد يخنقها الدخان
مرّ العراقُ بأعيني.. مرّ العراق
برقاً توهّج وانطفا
ظلاً توحّد واختفى
مرّ العراق
طيفاً أناملُه تداعبُ مقلتي الحمرا
تقلّب صُبوتي الحرّى
تُعيدُ إليّ أيامَ الطفولهْ
مرّ العراق.. بأعيني نهراً..
تلاعبُ موجتاه على جوانبه نخيلَهْ
مرّ العراق.. بخاطري وسَناً..
تزاحمتِ الصبايا فيه
تنثرُ كلُّ واحدةٍ جديلهْ
وتسرّحُ الخُصلاتِ تحتَ الشمسِ، واجمةً خجولَهْ
مرّ العراق..
على الشواطئ والخريفُ عليه معتصراً ذبولهْ
مرّ العراق..
قدراً تحفّ به الملائكُ فوقَ عادية البُراق
وحياً تقاسمُهُ النبوّةِ صوتَها
سيفاً تُميتُ به الإمامةُ موتَها
رمحاً تطوفُ به على المنفى مضمّرةٌ عِتاقْ
مرّ العراق..
وهويتُ ألثمُ عارضيَه
أبيحُ قلبي في يديه
الله أكبر يا عراق..
ما أوحشَ المنفى يجرِّعني كؤوساً لا تُطاقْ
الموتُ أرحمُ يا عراق..
من ساعةٍ أو لحظةٍ يلقي كلاكلَه الفراقْ
فوقي.. تهشّم أضلعي
وتعبُّ من حدَقي بقية أدمعي
ألله.. ما أقسى فراقَك يا عراقْ
أهواكَ حدّ الإحتراقْ
حتى رمادِ الروحِ.. تنثرُه الرياحُ على ترابِكْ
حتى انثيالَ القلبِ رفّ على قبابِكْ
ما عادَ يُطفئني العناقْ
دعني أمزّقُها الخلايا كي أرصّعَ وجهَ بابِكْ
دعني ألطّخ من دمي عينيكَ
أجعلْه الدليلَ على اغترابي واغترابِكْ
دعني أردّ إلى عذابِ الروحِ يوماً من عذابِكْ
خطوي وخطوُك قادمانِ على المسافهْ
قلبي وقلُبك نازفانِ على بساتين الرصافهْ
الله أكبر يا عراقْ..
من كلّ قارعةٍ تحومُ على سمائِكْ
الله أكبر يا عراقْ..
من كلِّ غائلةٍ تعيشُ على دمائكْ
الله أكبر يا عراقْ..
من كلِّ شائبةٍ تُعشعش في ردائكْ
لا لستُ أبدأ في رثائِكْ..
حتى وإنْ طحنتْكَ أضراسُ الثعالبْ
حتى وإنْ داستْ على أشلاءِ جثّتك الكتائبْ
حتى وإنْ نسجَتْ عليكَ خيوطَها كلّ العناكبْ
لا لم يحن زمنُ انطفائِكْ
الشمسُ تقبس من ضيائكْ
والبدرُ يطلع من صفائكْ
لا لستُ أجرؤ في رثائِكْ
لا يوم في التاريخ يُدعى عنك يوماً للمماتْ
ما دام يجري فيك من دمه الفراتْ
ستظل وجهاً للحياهْ
ويعود قُرصُ الشمس يطلعُ دائماً من كربلائكْ
* * * * * *
بغدادُ.. وانطفأ الزمانْ
بغدادُ.. وانقطعَ الطريقُ من المكانِ إلى المكانْ
بغدادُ.. واحترقتْ حقولُ الأرض أجمعها
وغادرت الفراشاتُ الحقولْ
بغدادُ.. عادَ لها المغولْ
بغدادُ.. تُقرع في ضواحيها الطبولْ
بغدادُ..
وابتعدَ الطريقُ إليك يوصلنا إلى ما لا نهايهْ
لنقولَ بعدك ما نقولْ
يا ليتنا كنّا.. وكان لنا على كفّيكِ رايهْ
ما بينَ عاصمةِ الإمامِ وبين عاصمةِ الرسولْ
ميلانِ من أرضِ العراقِ إلى الحجازِ
وعند خطوتكِ البدايهْ
بين المُصلّى والمُصلّى..
والتيمّم عاجلاً.. ترتيلُ آيهْ
السيفُ يحبسُهُ القُرابْ
وعلى حدود الله تشتبكُ الحرابْ
هذي الغزاةُ تدفّقَتْ مِنْ كلّ بابْ
بغدادُ.. مفردةً..
تهشُّ بزندِها المأسورِ أسرابَ الذئابْ
بغداد يخنقُها الدخانْ
بغداد بُحّ بها النداء.. وذاب في دمها اللسانْ
جنكيز خانْ..
عادت سوافله لأروقةِ المعابدْ
عادت تدنّسها.. وتصنعُ من مصاحِفها وسائدْ
ومخالبُ المتوحّشين، تمزقُ الأعناقَ
ترفعُ من جماجِمها موائدْ
يا صائمينَ عن النزال تيقظوا
يا غافلينَ.. وذاكرينَ.. وذاكراتٍ..
بين راكعةٍ وساجدْ
هذا بيانْ..
الصبحُ إن فضحَ الظلامَ، سينتهي سرّ الصيامْ
وسينتهي عصرُ الكلامْ
وستنتشي فينا الهزيمةُ.. سوفَ نحملُها قلائدْ
هذا بيانْ..
بغدادُ.. إنْ سقَطتْ منائرُها، سينتحرُ الأذانْ
النارُ تأكلُ في دمي.. ودماكَ يا شعبي الموزّعَ
بين خارطةِ القنابلْ
والخنجرُ المسمومُ يذبحُ فيكَ أوردةَ السنابلْ
النار تحفرُ في نُخاعي
والريحُ تعبثُ في شراعي
والموجُ يُبعدني عن المرسى يُبالغُ في ضياعي
والسيفُ تمسكُهُ الحمائلْ
ويدي على قلبي.. عليكَ تمرُّ يا وَطني الشهيدْ
ماذا دهَى الدنيا تحشِّد كلُ لعنتها عليكْ
حتى البحارُ تدفّقت حمماً لتُحرق شاطئيكْ
والقيدُ يصدأُ في يديكْ
ومن الشمالِ إلى الجنوبِ
تعبُّ من دمِك المعاقلْ
أنعى صباياكَ المدلّلة اليتيمهْ
والحائمينَ على احتراقِكَ مثل أجنحةِ الجريمهْ
الكل غمّس في الجراحِ النازفاتِ يداً أثيمهْ
ما بين قاتلةٍ وقاتلْ
أشلاؤك الحمراء صيّرها وليمهْ
لما رأوَك على الرمادِ غدوتْ مائلْ
همسَ الجميعُ مع الجميع بأنّ هذا الظلّ زائلْ
هبّوا إلى جمعِ البدائلْ
الكلّ يبحثُ عن بدائلْ
يا شعبَي المذبوحَ في سيفِ الأواخرِ والأوائلْ
الكلّ قالوا فيكَ ما لم ترضَه فيهم..
فقلْ..
ما أنتَ قائلْ..
بغداد يخنقها الدخان
مرّ العراقُ بأعيني.. مرّ العراق
برقاً توهّج وانطفا
ظلاً توحّد واختفى
مرّ العراق
طيفاً أناملُه تداعبُ مقلتي الحمرا
تقلّب صُبوتي الحرّى
تُعيدُ إليّ أيامَ الطفولهْ
مرّ العراق.. بأعيني نهراً..
تلاعبُ موجتاه على جوانبه نخيلَهْ
مرّ العراق.. بخاطري وسَناً..
تزاحمتِ الصبايا فيه
تنثرُ كلُّ واحدةٍ جديلهْ
وتسرّحُ الخُصلاتِ تحتَ الشمسِ، واجمةً خجولَهْ
مرّ العراق..
على الشواطئ والخريفُ عليه معتصراً ذبولهْ
مرّ العراق..
قدراً تحفّ به الملائكُ فوقَ عادية البُراق
وحياً تقاسمُهُ النبوّةِ صوتَها
سيفاً تُميتُ به الإمامةُ موتَها
رمحاً تطوفُ به على المنفى مضمّرةٌ عِتاقْ
مرّ العراق..
وهويتُ ألثمُ عارضيَه
أبيحُ قلبي في يديه
الله أكبر يا عراق..
ما أوحشَ المنفى يجرِّعني كؤوساً لا تُطاقْ
الموتُ أرحمُ يا عراق..
من ساعةٍ أو لحظةٍ يلقي كلاكلَه الفراقْ
فوقي.. تهشّم أضلعي
وتعبُّ من حدَقي بقية أدمعي
ألله.. ما أقسى فراقَك يا عراقْ
أهواكَ حدّ الإحتراقْ
حتى رمادِ الروحِ.. تنثرُه الرياحُ على ترابِكْ
حتى انثيالَ القلبِ رفّ على قبابِكْ
ما عادَ يُطفئني العناقْ
دعني أمزّقُها الخلايا كي أرصّعَ وجهَ بابِكْ
دعني ألطّخ من دمي عينيكَ
أجعلْه الدليلَ على اغترابي واغترابِكْ
دعني أردّ إلى عذابِ الروحِ يوماً من عذابِكْ
خطوي وخطوُك قادمانِ على المسافهْ
قلبي وقلُبك نازفانِ على بساتين الرصافهْ
الله أكبر يا عراقْ..
من كلّ قارعةٍ تحومُ على سمائِكْ
الله أكبر يا عراقْ..
من كلِّ غائلةٍ تعيشُ على دمائكْ
الله أكبر يا عراقْ..
من كلِّ شائبةٍ تُعشعش في ردائكْ
لا لستُ أبدأ في رثائِكْ..
حتى وإنْ طحنتْكَ أضراسُ الثعالبْ
حتى وإنْ داستْ على أشلاءِ جثّتك الكتائبْ
حتى وإنْ نسجَتْ عليكَ خيوطَها كلّ العناكبْ
لا لم يحن زمنُ انطفائِكْ
الشمسُ تقبس من ضيائكْ
والبدرُ يطلع من صفائكْ
لا لستُ أجرؤ في رثائِكْ
لا يوم في التاريخ يُدعى عنك يوماً للمماتْ
ما دام يجري فيك من دمه الفراتْ
ستظل وجهاً للحياهْ
ويعود قُرصُ الشمس يطلعُ دائماً من كربلائكْ
* * * * * *
بغدادُ.. وانطفأ الزمانْ
بغدادُ.. وانقطعَ الطريقُ من المكانِ إلى المكانْ
بغدادُ.. واحترقتْ حقولُ الأرض أجمعها
وغادرت الفراشاتُ الحقولْ
بغدادُ.. عادَ لها المغولْ
بغدادُ.. تُقرع في ضواحيها الطبولْ
بغدادُ..
وابتعدَ الطريقُ إليك يوصلنا إلى ما لا نهايهْ
لنقولَ بعدك ما نقولْ
يا ليتنا كنّا.. وكان لنا على كفّيكِ رايهْ
ما بينَ عاصمةِ الإمامِ وبين عاصمةِ الرسولْ
ميلانِ من أرضِ العراقِ إلى الحجازِ
وعند خطوتكِ البدايهْ
بين المُصلّى والمُصلّى..
والتيمّم عاجلاً.. ترتيلُ آيهْ
السيفُ يحبسُهُ القُرابْ
وعلى حدود الله تشتبكُ الحرابْ
هذي الغزاةُ تدفّقَتْ مِنْ كلّ بابْ
بغدادُ.. مفردةً..
تهشُّ بزندِها المأسورِ أسرابَ الذئابْ
بغداد يخنقُها الدخانْ
بغداد بُحّ بها النداء.. وذاب في دمها اللسانْ
جنكيز خانْ..
عادت سوافله لأروقةِ المعابدْ
عادت تدنّسها.. وتصنعُ من مصاحِفها وسائدْ
ومخالبُ المتوحّشين، تمزقُ الأعناقَ
ترفعُ من جماجِمها موائدْ
يا صائمينَ عن النزال تيقظوا
يا غافلينَ.. وذاكرينَ.. وذاكراتٍ..
بين راكعةٍ وساجدْ
هذا بيانْ..
الصبحُ إن فضحَ الظلامَ، سينتهي سرّ الصيامْ
وسينتهي عصرُ الكلامْ
وستنتشي فينا الهزيمةُ.. سوفَ نحملُها قلائدْ
هذا بيانْ..
بغدادُ.. إنْ سقَطتْ منائرُها، سينتحرُ الأذانْ
النارُ تأكلُ في دمي.. ودماكَ يا شعبي الموزّعَ
بين خارطةِ القنابلْ
والخنجرُ المسمومُ يذبحُ فيكَ أوردةَ السنابلْ
النار تحفرُ في نُخاعي
والريحُ تعبثُ في شراعي
والموجُ يُبعدني عن المرسى يُبالغُ في ضياعي
والسيفُ تمسكُهُ الحمائلْ
ويدي على قلبي.. عليكَ تمرُّ يا وَطني الشهيدْ
ماذا دهَى الدنيا تحشِّد كلُ لعنتها عليكْ
حتى البحارُ تدفّقت حمماً لتُحرق شاطئيكْ
والقيدُ يصدأُ في يديكْ
ومن الشمالِ إلى الجنوبِ
تعبُّ من دمِك المعاقلْ
أنعى صباياكَ المدلّلة اليتيمهْ
والحائمينَ على احتراقِكَ مثل أجنحةِ الجريمهْ
الكل غمّس في الجراحِ النازفاتِ يداً أثيمهْ
ما بين قاتلةٍ وقاتلْ
أشلاؤك الحمراء صيّرها وليمهْ
لما رأوَك على الرمادِ غدوتْ مائلْ
همسَ الجميعُ مع الجميع بأنّ هذا الظلّ زائلْ
هبّوا إلى جمعِ البدائلْ
الكلّ يبحثُ عن بدائلْ
يا شعبَي المذبوحَ في سيفِ الأواخرِ والأوائلْ
الكلّ قالوا فيكَ ما لم ترضَه فيهم..
فقلْ..
ما أنتَ قائلْ..